Oct. 10, 2025

الدكتورة عزيزة المغيولي: العلاج النفسي قوة وليس ضعفًا

الدكتورة عزيزة المغيولي: العلاج النفسي قوة وليس ضعفًا

الحديث عن الصحة النفسية لم يعد رفاهية، بل ضرورة يومية لكل واحد منا. في عالمنا المليء بالضغوط والتحديات، كثيرًا ما نجد أنفسنا نتساءل: كيف نحمي عقولنا من الإرهاق؟ كيف نتعامل مع التوتر والقلق؟ ولماذا يبدو أحيانًا الحديث عن المشاعر أمرًا صعبًا؟

في هذه المقابلة الحصرية مع الدكتورة النفسية عزيزة المغيولي بالتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف اليوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول نتناول كل هذه التساؤلات وأكثر. تقدم المغيولي إجابات صريحة وعملية تساعدنا على فهم أنفسنا بشكل أفضل، وتفتح أمامنا نافذة على عالم العلاج النفسي بطريقة مبسطة وواقعية. 

د. عزيزة المغيولي: هذه أسرار التعامل مع التحديات النفسية 

من خلال خبرتها الطويلة، تكشف الدكتورة عزيزة المغيولي لدى مدينة الشيخ شخبوط الطبية في أبوظبي أسرار التعامل مع التحديات النفسية اليومية، وتجيب على الأسئلة التي تخطر في بال كل منا من دون خوف أو خجل.

1. ما أسوأ نصيحة شائعة تقدم للناس حول التعامل مع التوتر أو الاكتئاب؟

من أسوأ النصائح التي تُقال لمن يعاني من اكتئاب أو ضيق: “إيمانك ضعيف” أو “لو كنت أقرب إلى الله ما شعرت بهذا”. هذا النوع من الكلام لا يواسي، بل يضاعف الألم.

الإيمان لا يحصّننا من المشاعر الإنسانية، بل يعلّمنا كيف نحتويها. حتى الأنبياء شعروا بالحزن والخوف، لكنهم لم يُلاموا عليه، لأن المشاعر ليست ضعفًا في الإيمان، بل جزء من التجربة الإنسانية التي خُلقنا لنتعلم منها.

الإيمان الحقيقي لا يعني أن لا نحزن، بل أن نصدق أن وراء هذا الحزن معنى.

  1. مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ما تأثيرها على الصحة النفسية خاصة بين الشباب؟

وسائل التواصل مثل المرايا المشروخة؛ نرى أنفسنا فيها لكن بزاوية محدودة. هي تصنع عالمًا يبدو جميلًا لكنه مفلتر من الحقيقة. الشباب يعيشون اليوم تحت ضغط “أن يكونوا مرئيين” أكثر من أن يكونوا سعداء.

السوشال ميديا لا تسرق وقتنا فقط، بل تسرق إحساسنا “بالكفاية”. 

  1. ما أكثر خرافة أو مفهوم خاطئ عن الصحة النفسية تتمنين التخلص منه؟

أن العلاج النفسي هو “للضعفاء”.

في الحقيقة، الذهاب للعلاج النفسي هو علامة شجاعة. أن تقترب من جرحك لتفهمه لا لتخفيه، هذا هو أقصى درجات القوة الإنسانية.

أخبار ذات صلة

 

  1. هل هناك عادات اجتماعية بسيطة نغفل عنها لكنها تؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية؟

نعم.. عادة الجلوس مع الذات بصمت. في عالم مليء بالضوضاء، الصمت أصبح رفاهية.

نحتاج أن نجلس مع أنفسنا كما نجلس مع صديق قديم: نستمع، ولا نحكم، ولا نُسرع في الرد.
 
5. الصحة النفسية لا تزال تواجه وصمة اجتماعية في العديد من المجتمعات، ما الخطوات العملية التي يمكن للمجتمع اتخاذها لتغيير ذلك؟

التغيير يبدأ حين نتحدث بصدق. حين يصبح الحديث عن الاكتئاب أو القلق طبيعيًا مثل الحديث عن السكر أو ضغط الدم، نكون قد قطعنا نصف الطريق نحو مجتمع واعٍ.

الخطوة الأخرى هي أن نعلّم أطفالنا التعبير عن مشاعرهم من دون خجل. المجتمع يتعافى حين يتعلم “لغة العاطفة”.

  1. ما العادات اليومية أو الروتين الذي يمكن أن يساعد في الوقاية من المشاكل النفسية؟

ثلاث عادات بسيطة:

  • تنفس بوعي: خذ دقيقة في اليوم لتتنفس كأنك تُصالح جسدك.
  • اكتب ما تشعر به: الكتابة تنظف الازدحام الداخلي.
  • تحرك: المشي ليس رياضة فقط، إنه طريقة للحوار مع الذات.
  1. كيف يمكن للعائلة والأصدقاء دعم شخص يعاني مشاكل نفسية بطريقة صحيحة من دون التعدي على خصوصيته؟

لا تحاول أن “تُصلحه”، فقط كن هناك. الدعم لا يعني الكلام، أحيانًا يعني الصمت بجانبه.

قل له: “أنا هنا إن احتجتني”، وصدق نيتك حين تقولها.

  1. هل يمكن للواقع الافتراضي أو التطبيقات الذكية أن تساعد فعليًا في تخفيف القلق والاكتئاب؟

يمكنها أن تكون “جسرًا”، لا “وطنًا”. الواقع الافتراضي يمنحنا مساحة آمنة للتدريب على الهدوء، لكنه لا يغني عن التواصل الإنساني الحقيقي.

التكنولوجيا قد تفتح باب العلاج، لكن التعافي يبدأ عندما ننظر في عيون أنفسنا، لا في شاشة.

  1. ما رأيك في تأثير “ثقافة الإنجاز المستمر” على الصحة النفسية للجيل الحالي؟

لقد أصبحنا نعيش داخل سباق لا نعرف خط نهايته. ثقافة الإنجاز جعلت الناس يشعرون بالذنب حتى في لحظات الراحة.

الصحة النفسية تبدأ عندما نسمح لأنفسنا أن نكون، لا أن نُثبت أننا موجودون.

  1. كيف يمكن للشخص التعرف على العلامات المبكرة التي تشير إلى حاجته للمساعدة المهنية؟

حين تتكرر نفس الدائرة من الألم رغم تغيّر الظروف. حين تشعر أن كل شيء “أصبح مجهودًا”.

حين تضحك، لكن لا تشعر بالضحك. تلك اللحظة هي دعوة صامتة تقول: “لا تتجاهلني، استعن بمَن يفهم”.

  1. ما أكثر سؤال يجب أن يسأله الإنسان لنفسه يوميًا للحفاظ على توازنه النفسي؟

“هل أنا أعيش حياتي… أم أؤديها فقط؟” هذا السؤال وحده كفيل بأن يعيدك إلى وعيك.

  1. إذا صممتِ تمرينًا نفسيًا يوميًا لكل شخص، كيف سيكون هذا التمرين؟

تمرين “الملاحظة بدون حكم”: كل يوم، اختر شيئًا بسيطًا حولك مثل كوب، أو شجرة، أو صوت وراقبه من دون أن تصفه أو تحكم عليه. بعدها جرب أن تفعل ذلك مع أفكارك. هكذا يبدأ الهدوء: من لحظة قبول واحدة. 

  1. ماذا تقولين للأشخاص المترددين في طلب العلاج النفسي لتشجيعهم على هذه الخطوة؟

أقول لهم: الذهاب للعلاج لا يعني أنك مكسور، بل أنك قررت ألا تبقى كذلك.

العلاج ليس نهاية الضعف، بل بداية النضج. 

  1. ما الرسالة التي ترغبين في توجيهها للجمهور بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية؟

الصحة النفسية ليست رفاهية، إنها الأساس الذي تقوم عليه كل لحظة في حياتك. امنح نفسك نفس القدر من العناية التي تمنحها لهاتفك حين تشحنه.

استرح، وتنفس، وتذكر: أنت لست آلة، أنت كائن جميل في رحلة تعلّم طويلة مع ذاته.

المصدر: فوشيا

Powered by Ajaxy