المرأة هي النواة الأساسية في تكوين المجتمعات؛ فهي تُمثَل نصف المجتمع وتُسهم في تكوين النصف الآخر. لهذا فإن صحتها وراحتها، ضروريان ومهمان، لضمان قوام المجتمع الذي يرتكز عليها بشدة.
متشعبةٌ هي، وعديدة، صحة النساء؛ كونها تشتمل على مجموعةٍ واسعة من القضايا الصحية المرتبطة بالإناث بشكلٍ خاص والتي تبدأ منذ عمرٍ صغيرة، مثل صحة الثدي، وصحة الجهاز التناسلي، والخصوبة، وتنظيم النسل، والحمل والولادة، وانقطاع الطمث. كما تشمل صحة المرأة أيضًا القضايا الصحية التي تؤثر على النساء أكثر من الرجال، مثل بعض أنواع السرطان والأمراض المزمنة، بالإضافة إلى الصحة العقلية والعاطفية.
وتحتاج النساء للمتابعة الطبية الدورية، لضمان عدم تعرضهنَ لمشكلاتٍ صحية في مراحل العمر المختلفة؛ خاصةً أن لكل مرحلة من تلك المراحل، تحديات وصعوبات. كل عضوٍ في جسم المرأة يتطلب العناية والاهتمام، خصوصًا المهبل الذي قد نجد بعض الأناث يتعاملنَ معه بخفة، فيما البعض الآخر يحرص على الاعتناء بصحته من خلال الفحوصات الدورية، ومنها تنظير المهبل.
فما هو تنظير المهبل، لماذا ومتى نحتاج إليه، كيف يتم هذا التنظير؟ هذه الأسئلة وغيرها، توجهنا بها إلى الدكتورة شهد محمود، استشاري أمراض النساء والتوليد في مدينة الشيخ شخبوط الطبية؛ والتي أفادتنا مشكورةً بالإجابات التالية..
ما هو تنظير المهبل، وما الحاجة إليه؟
تنظير المهبل هو فحصٌ طبي، يُستخدم لفحص عنق الرحم والمهبل باستخدام جهازٍ مُكبَر يُسمى الكولبوسكوب. يُجرى بواسطة أطباء متخصصين، لتقييم نتائج غير طبيعية في مسحة عنق الرحم أو عند وجود أعراضٍ مثل الدم غير مبرر، أو لتشخيص التهاباتٍ وتغيَراتٍ محتملة تشير إلى حالات ما قبل السرطان أو سرطان عنق الرحم.
يمكن اجراء التنظير في العيادة الخارجية واستخدام بنجٍ موضعي إذا احتاج الأمر.
ما الذي يقوم الطبيب بفحصه عادةً خلال تنظير المهبل؟
عادةً ما يقوم الطبيب بفحص عنق الرحم وجدران المهبل وسطح عنق الرحم بدقة، بالعدسة المُكبرة، ويُستخدم حمض الأسيتيك وصبغة اليود لتحديد المناطق غير الطبيعية. تؤخذ خزعةٌ صغيرة من الأنسجة خلال التنظير، للفحص المجهري الدقيق للتشخيص.
هل يمكن لجميع النساء (المتزوجات والعازبات) القيام بتنظير المهبل؟
نعم، بإمكان جميع النساء إجراء الفحص حسب الحاجة الطبية. إنما في حالة النساء العازبات؛ إذا كان هناك ضرورةٌ طبية للفحص، يُمكن مراعاة استخدام أدواتٍ أصغر لتجنب أي ضرر، مع شرحٍ كامل للمرأة حول التنظير قبل إجرائه.
ما الذي يجب مراعاته قبل وبعد تنظير المهبل؟
- قبل الإجراء: يُنصح بتجنب العلاقة الجنسية، والغسول المهبلي، واستخدام التحاميل المهبلية لمدة 24-48 ساعة.
- بعد الإجراء: إذا لم تُؤخذ خزعة، يمكن العودة للنشاط الطبيعي فورًا. أما إذا أُخذت خزعة، فيُفضل تجنب العلاقة الجنسية والسباحة أو الدش المهبلي أو أي استخداماتٍ لمواد مهبلية لمده 3 – 5 أيام.
هل يمكن أن تعاني بعض النساء من النزيف بعد إجراء تنظير المهبل؟ وماذا يفعلنَ في هذه الحالة؟
قد يحدث نزيفٌ خفيف أو نزول إفرازاتٍ بنية اللون لعدة أيام بعد الفحص، أو بعد أخذ الخزعة؛ ويُعد ذلك طبيعيًا، لكن إذا كان النزيف غزيرًا أو تُصاحبه حرارةٌ أو رائحة غير مُستحبة، يجب مراجعة الطبيبة فورًا.
ما هي النتائج المتوقعة من تنظير المهبل (الطبيعية وغير الطبيعية)، وكيف يتم التعامل معها؟
النتائج قد تكون طبيعية، أو تُظهر تغيَراتٍ بسيطة تُتابع دوريًا؛ أو قد تظهر تغيَراتٌ غير طبيعية تُصنف حسب درجة الخطورة، وإذا ما كانت الخطورة من متوسطة إلى شديدة؛ وبناءً على ذلك وجراء نتيجة المسحة الأساسية او وجود الأنواع الخطرة من الفيروس الورمي الحليمي، قد نقوم بإجراء الخزعة لتأكيد التشخيص، او عمل كشطٍ كامل لعنق الرحم والبدء في علاجاتٍ موضعية حسب الحالة.
هل بالإمكان ممارسة العلاقة الجنسية مباشرةً بعد تنظير المهبل؟ وهل ثمة إجراءات خاصة للرعاية بعد هذا التنظير؟
إذا لم تُؤخذ خزعة عند الفحص، لا توجد موانع للعلاقة الجنسية بعده. أما إذا أُخذت خزعة، فيُفضل الانتظار بين 3 أو 5 أيام كما أسلفنا، للسماح بالتئام المنطقة، مع تجنَب السباحة والغسول المهبلي خلال هذه الفترة.
ما الطرق الواجب اتباعها من قبل المرأة (المتزوجة والعزباء) للاعتناء بمنطقة المهبل وصحته؟
من الضروري الحفاظ على نظافة المنطقة الخارجية للمهبل، باستخدام الماء النظيف أو استخدام غسولٍ لطيف؛ ويُنصح بتجنب الاستخدام المتكرر للغسولات المهبلية، كما يُفضَل ارتداء ملابس داخلية قطنية.
كذلك لا بدَ من الإشارة إلى ضرورة مراجعة الطبيب عند ظهور إفرازاتٍ غير طبيعية لديكِ من منطقة المهبل، انبعاث رائحة كريهة، الحرارة، أو الحكة المستمرة، ومواصلة إجراء الفحوص الدورية لمسحة عنق الرحم حسب العمر والنتائج والحالة الصحية.
ما هي أكثر الأمراض والمشاكل الصحية التي تتعرض لها المنطقة الحساسة لدى المرأة، وكيفية علاجها والوقاية منها؟
هناك العديد من المشاكل الصحية التي يمكن أن يتعرض لها المهبل، ومنها الأكثر شيوعًا:
- الالتهابات المهبلية (الفطرية أو البكتيرية او الفيروسية).
- الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري.
- التقرحات.
- سرطان عنق الرحم.
أما إجراءات الوقاية منها فتتمثل في الحفاظ على النظافة الشخصية، التطعيم ضد الفيروس الحليمي، وإجراء الفحوص الدورية للاكتشاف المبكر لأي تغيَرات. وبالطبع، لا ننسى استخدام الواقي الذكري في حالة وجود التهابات في المنطقة.
خلاصة القول؛ فإن العناية بصحة الجهاز التناسلي للمرأة ذات أهميةٍ قصوى، فهي تؤثر على صحتها العامة وقدرتها على الإنجاب. ويلعب الجهاز التناسلي، ومن ضمنه المهبل، دورًا حيويًا في وظائف الجسم المختلفة، كما أنه عرضةٌ للعديد من الأمراض التي قد تؤثر سلبًا على صحة المرأة.
لذا لا تترددي عزيزتي في معرفة كافة سُبل العناية بمنطقة المهبل، واستشارة طبيبتكِ الخاصة حول تنظير المهبل الذي يُشكَل منعطفًا مفصليًا في كشف أية تغييرات أو مشاكل صحية يمكن علاجها في بداياتها، كي تنعمي برفاه الحياة دون مُنغصات صحية.
