March 1, 2024

الضوء في نهاية النفق

الضوء في نهاية النفق

تعتبر مشاكل الصحة النفسية للأطفال في العالم العربي واحدة من أبرز التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات في الوقت الحالي، وتعود هذه المشاكل إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تؤثر على صحة الأطفال وسالمتهم النفسية، وتتطلب مواجهة مشاكل الصحة النفسية للأطفال في العالم العربي جهوداً متكاملة من المجتمع بأسره، بما في ذلك الأسر، والمدارس، والحكومات، والمؤسسات الصحية، ومن خلال زيادة الوعي، وتقديم الدعم الاجتماعي، وتعزيز الخدمات الصحية النفسية، يمكننا خلق بيئة صحية أفضل لأطفالنا وضمان نموهم وتطورهم السليم.

د. خليفة المقبالي، استشاري الطب النفسي في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، يقول إن علماء النفس يعطون أهمية كبيرة لاتجاهات تنشئة الوالدين لأبنائهم، وعلاقاتهم بهم فمن الثابت من دراسة كثير من الحالات التي ترد إلى العيادات النفسية أن مشاكل كثيرة من الكبار تعود إلى خبرات مرتبطة بعلاقاتهم بالوالدين وبالرغم من أن لكل مجتمع طرائقه في عملية التنشئة الأسرية إلا أن هناك أجماع على أهمية العلاقة بين الوالدين والأبناء.

ويتابع: تعد هذه العلاقة مهمة في تكوين شخصيات ناجحة في المجتمع، فالأسرة من أهم عوامل نجاح وتفوق الأبناء ولا بد من الحرص في عملية التنشئة الأسرية لدى الوالدان ووعيهم بأهمية دورهم في سلامة الصحة النفسية لأطفالهم في مختلف المراحل العمرية، حيث تبدأ تتشكل فيها معالم الشخصية لكل فرد وفقاً لأنماط سلوك وعادات وخبرات تعيش في عمق شخصيته وتساهم في بنائها وصياغتها مستقبلاً.

ويضيف: كما ساهم علم النفس في تحديد أسباب بعض الاضطرابات النفسية لدى الأبناء خاصةً وأن بعض السلوكيات العدوانية التي يرتكبها الأبناء قد تكون ناتجة عن تطور الاضطرابات النفسية التي عاشها في فترة الطفولة المبكرة، ومع غياب التدخل المبكر الذي يتبع مختلف المشاكل النفسية والاجتماعية لاسيما المساعدة النفسية، والتي من شأنها التخفيف من خطورة الوضع وذلك بتشخيص الاضطرابات النفسية بغية معالجتها والوقاية من المشاكل التي قد تنجم عنها مستقبلا كظهور السلوكيات العدوانية لدى بعض المراهقين فيما بعد، وبذلك فطب النفس ومن خلال تشخيصه للاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأبناء يساهم في وضع استراتيجيات لمساعدته في تجنب الوقوع في الجريمة .

ويقول: إن مفتاح الصحة النفسية هو أن ينمو الفرد نمواً سليماً وينشأ في بيئة أسرية ومجتمعية سوية حيث يستطيع إشباع حاجاته للأمن والحب والتقدير وتحقيق الذات ليشعر خلال حياته بالكفاءة والسعادة والاطمئنان أما من يحيا حياة متسمة بالرفض والقسوة والتسلط والعنف فإنه يُصاب بالاضطراب النفسي، فالعنف له تأثير سلبي على الصحة النفسية بصفة عامة، وخاصة عند التعرض له بصورة متكررة ومستمرة، ولذلك لابد من التعرف على الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأبناء ومعالجتها في وقتاً مبكراً.


المصدر: صفحة 18، العدد 639، مارس 2024، مجلة 999.
Powered by Ajaxy